تندف الشمس ثلجًا.
يتجمد عطر الزهر معلنًا الحداد.
البحر يبكي أسماكه العطشى.
الليل ينسحبُ مغشيًا عليه
فوق قلبي يفترش جسده الثقيل.
سرمدية الحلم تستحيل كابوسًا.
عقارب الساعة تبثّ سُمومها بجنون
تلسع نفسها وتموت...
فرح الأمس ينقلب كمدًا
يرتدي ثوب الحداد.
يقيم العزاء طويلاً دون تأبين.
في غيابك...
أتدثر بكلماتٍ منك
علقت في دهاليز ذاكرتي.
أتوسد عطرك اللاموجود
الكامن في صدري خيالًا.
أنام بيقظة كاملة على سريرٍ
من انتظار.
حديثك عناقيد عنبٍ أقطفها خلسة عنك
أخبئها في جِرارٍ من شغب
أعصرها مع دمعٍ معتق
أحتسيه في غيابك لأفقد صحوي.
أقطف أوراق الورد
النابت على قمم الشوق
ورقةً ورقة...
يأتي.... لن يأتي.... يأتي....لن يأتي...أياتي؟
أخاف أن تقودني النتيجة للجنون
إن عبث القدر بأوراقي.
تخاطرٌ يطير دون أجنحة
يمتطي ظهر خيلٍ من صراخ مكتوم.
أزركشه بعتابٍ خفي.
أدسُّ في جيبه قلبي الذي يئنّ.
عسى أن يصلك كزوبعة تداعب غفلتك.
مَلكُ الوقت يعدم جنوده شنقًا
أمام مرأى من دقائق يتيمة
وساعات ثكلى
تبكي غيابك....
الأيام تقصّ أطرافها
دون اكتراث
تزحف نازفةً فوق صدري.
طاووس حضورك ينتف ريشه اليوم
ريشةً ريشة
يغدو بلا زينة
دون بهرجة ينادي أنثاه فلا تستجيب
يتنكر لها فلا تعرفه..
تنحر نفسها حزنًا على حضوره الغائب..
في غيابك...
ينزف القلم وجعًا على هوامش الأوراق..
أرتدي وجهًا لا يشبهني
أرسم ابتسامة مزيفة
تستر عينيّ الملتهبتين نظارة سوداء
أرى كل شيء قاتمًا دون لون.
أنثر فتات الصبر على طيور قلبي الجائعة
أمضي نحوك ألاحق طيفك
أمد يدي لا ألمس سوى السراب
يعلق بأصابعي غبارٌ من وجودك اللاملموس
الذي يأتي نادرًا
مرتين في اليوم
كدواء لمرضٍ مزمن
مرٌّ وحلوٌ في آن.
في غيابك...
الوجود ينعدم..
الأرض تتوقف عن الدوران
أقف مكاني لا أتحرك
أدخل في متاهتي من جديد
لأضيع دون ضياع
وأجدني دون وجود
أبحث عن طريق اللقاء
عسى أن ينقشع الضباب.
وأراك دون غياب.
في غيابك..
تهرب الحروف من محبرتي
تتمرد على مخيلتي
تتبعثر ...تتناثر...تتلاصق
تتحدى الأبجدية..
في غيابك..
أثرثر كثيرًا
ولكن بصمت...
#سهير_المصطفى
