JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

قراءة في رواية وردة بلون الدم

 اسم العمل: وردة بلون الدم

الكاتب: الأستاذ محمد هويدي

دار النشر: الراوي للنشر والتوزيع

عدد الصفحات: 274

ريفيو بقلم الكاتبة: سهير المصطفى

كيف لجمال نهر أن يتشوه ويغدو الحلم في رياضه كابوسًا، وكيف لجسره الشامخ المعلق الممتد فوق صفيحه أن ينهار ويدفن في أعماقه وأعماق كل سوري عاش في تلك البقعة من الأرض..

إنها الحرب حينما تدق ناقوسها، فلا يبق المكان ذات المكان، ولا الملامح ذات الملامح..

وكما وصلتنا حضارات سبقت مرت عليها الأهوال واندثرت، واستطعنا بفضل تلك النقوش التي تُركت على الجدران المنسية تقصّ علينا حكايات مضت، أن نتعرف على حقيقة تلك الحقبة من الزمن، يضع الكاتب بين أيدينا رواية أقل ما يقال عنها بأنها إرث تاريخي لما كانت عليه مدينة دير الزور قبل أكثر من عشر سنوات من الآن، منذ بداية اندلاع الحرب فيها..

دفء العائلة وعاداتهم الجميلة، أسواقها، شوارعها، ملامحها، حتى الأصوات التي تسمعها حينما تتجول في أحيائها، كلها عشتها وأنا أقلب في صفحات الرواية..

تذكرة مجانية حطت بي بدايةً في بيت نور الفتاة الفراتية الجميلة التي كانت تعاني من رؤيتها للكوابيس كلما أسدلت جفنيها وقصدت النوم، وما تلبث أن تستيقظ فزعة خائفة، فما سر تلك الكوابيس وما سر تلك اللوحة الكرستالية التي تهديها في كل صباح قبلة، تبدأ بها يومها؟

رغم بشاعة الحرب والظلام التي يحل حينما تسيطر على المدينة كسديم أسود وتلك الدماء التي تراق على الأرض وتلك الأهوال التي تحل على أهلها، يبقى الحب هو العاصفة التي تحطم جدران القلوب المنيعة، والينبوع الذي يتفجر في أرض قاحلة فيحييها، والنور الذي يتلاشى أمامه كل ظلام، والجمال الذي يبدد كل قبح..

نور وضياء قصة حب تبدأ بين أروقة الجامعة ببراءة عاشقين يلثم الحب قلبهما لأول مرة، لكن الحرب تشتت أوصال المحبين فتخفي ضياء بطريقة قاسية، تعاني بعدها نور مرارة الفقد والخوف الذي تعيشه جراء الحرب القائمة..

فهل يُكتب لهما لقاء؟

تتعدد شخصيات الرواية بين رئيسية وفرعية وتتشابك أحداثها بطريقة مذهلة مايدل على براعة الكاتب في استخدام حسّه الإبداعي في كتابة هذه الرواية..

ندى الطفلة الصغيرة التي تضفي على الأحداث براءة الطفولة بتلك الدمى التي تجمعها في غرفتها، وتحادثهم وكأنهم أشخاص حقيقيين، تعطي للقارئ فسحة لالتقاط أنفاسه بين كل فصل وآخر.

معلومات كثيرة يقدمها بين صفحاتها مايدل على سعة ثقافته وعمق نظرته لما كان يحدث تلك الآونة..

مشاهد مذهلة تحبس الأنفاس، وأخرى يبتسم لها القلب وتعود بنا إلى وطننا لنعيش الذكرى بتفاصيلها بين الحروف، حتى أننا ربما نستنشق رائحة تراب الوطن وعبق زهوره الحمراء التي كان ضياء يقدمها لنور في كل لقاء، حتى تلطخت آخر زهرة يقدمها لها بدمائه… فباتت وردة بلون الدم..

النهاية غير متوقعة ولكنها مرضية للقارئ، الأحداث مشوقة من بداية الرواية حتى آخرها، السرد سلس واللغة قوية، فقد أبدع الكاتب في ربط خيوطها أيما إبداع لم أصدق أن تكون العمل الأول للكاتب، لهذا أتوقع له مستقبل أدبي عظيم..

اقتباسات أعجبتني:

*صوت فيروز، هو هدية استثنائية تمنحها لنفسك كل صباح، ودقائق سلام لابد منها قبل الدخول في معترك الحياة والعمل والدراسة.

* لا يوجد سر غامض في القهوة كما يدعون، ولا تساعد على الاسترخاء، كل ما في الأمر أنها عقوبة في الزمن القديم، يدعي البعض الآن بأنها مشروب لذيذ ومميز.

*أهو قدر هذه المدينة أن يصيبها كل هذا الجنون، أم ان أمسياتها الجميلة قد أغرت محاربيها فقرروا الاحتفال بها، والقيام بدعوة سكان المدينة لحضور رقصتهم المسائية المزعجة.

*نحتاج للبكاء أكثر من حاجتنا إلى أي شيء آخر، وفي جميع أحوالنا، فنحن نبكي عندما نحزن، ونبكي عندما نفرح، نبكي لفراق الأحبة، ونبكي للقائهم أيضًا، نبكي عندما نحب، ونبكي عندما نكره، نبكي عندما لا تستجاب دعواتنا، ونبكي إذا استجيبت أيضًا.

*لا يمكن مقارنة ساعات الحب بغيرها من الساعات، فهي تمضي سريعًا دون أن نشعر بها.

*القلب ينبض بطريقة منتظمة إلى أن يحب.

*لسنا مؤهلين لأن نكون أحرارًا بالمعنى الكامل، إذ أننا لا نتقبل وجود آراء مخالفة لنا، حتى وإن أنكرنا ذلك، نحتاج الكثير من الوقت لنعي معنى الحرية، وينقصنا الوعي الكافي لمواجهة مرحلة كهذه.

*الولاء أولًا وأخيرًا للوطن، لا للأشخاص، فالجميع سيذهب، وسيبقى الوطن.

كل التوفيق والنجاح.تجدون رواية ” وردةٌ بلون الدم ” في معرض القاهرة الدولي 2024صادرة عن دار الراوي للنشر والتوزيع صالة 1 جناح B63

سهير_المصطفى




author-img

سهير محمد خير المصطفى

Comments
No comments
Post a Comment
    NameEmailMessage