JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

قراءة في رواية الحزن الأزرق

 الرواية: الحزن الازرق 💙

الكاتب: محمد صالح عبيدو
دار النشر: ببلومانيا للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 204
صدرت عام 2021
المقال :بقلم الكاتبة سهير المصطفى

لطالما لفت انتباهي و أثار قريحة تساؤلاتي عنوان الرواية، باحثةً عن جواب يُسكت فضولي، هل للحزن لون؟
ولماذا اختار الكاتب اللون الأزرق ليصف به الحزن الذي غالبًا ما يكون رماديًا شائبًا قاتمًا حالكًا ثقيلًا قاسيًا حادًا كنصل سكين يجهز على قلوبنا دون رحمة.


حتى سافرت بين صفحات الرواية ووقفت عند مشاهد الحزن الكثيرة، واصطدمت بحواجز القدر المفجعة التي وقفت قاطعة الجمل والأحداث في مفترق الصفحات أبرز لها هويتي الإنسانية وأقدم لها مشاعري الوطنية، فتفسح لي المجال لإكمال الترحال بين عادات القبائل العربية السورية التي كان الجود والكرم أبرزها وعادات جاهلية قبلية لا تمت للمنطق بصلة منها ما اخترعها المشعوذون فأودت بحياة الطفل علي، ومنها ما اخترعتها الأعراف العائلية الصمّاء، فحكمت بالسجن المؤبد على شيماء في سجن الزوجية الخالي من العواطف الروحانية والذي يعتبر فيه الزوج بأن الحياة والبذل فيها يتوقف على إشباع البطن والرغبات لا القلب والعقل.
ذاتها العادات قد قصمت ظهر الحب وكبلت أطرافه بالعيب والحرام واتهمت مرتكبيه بالخروج عن الملّة وعرف القبيلة، فأجهزت على مسعود وماريا وامتزجت دمائهما واتحدت مع ذرات التراب التي ستنجب الشقيق الأحمر يومًا ما، يحكي قصة حبهما الموؤد للأجيال القادمة.
الحزن أزرق، شاحب الوجه كوجه ميت قد غادرته الروح منذ زمن، وهو كذلك حينما أصاب خلف بطل الرواية التي تحدث فيها الكاتب بلسانه عن تلك الأحزان التي توالت عليه حزنًا وراء آخر، لم يترك للفرح كسرة خبز يقتات عليها ليسد رمق غيابه عن القلب، تحدث خلال صفحاتها عن الجزيرة السورية مسقط رأسه وكيف أهملتها الدولة عمدًا، وسلبت خيراتها التي لو كان العدل قائمًا لما جاع فيها أحد ولا طرق الفقر أبواب سكانها.
العادات الجميلة القائمة في تلك البقعة من الأرض قد عادت بي إلى أيام طفولتي التي عشتها في قريتي والتي تشابهت كثيرًا مع عاداتهم على الرغم من بُعد المسافات لكن الأرض واحدة و نصيبنا من الاستبعاد عن واجهة الاهتمام كان واحدًا وكأن الأمر متعمدًا خشيةً من ظهور الرجال الذين صقلتهم الصحراء ومنحتهم صبرًا وجلدًا وحكمة، كيف لا ونحن أبناء الشرق والشمس تشرق من عندنا..
سافرت مع الكاتب إلى مسقط قلب خلف، مدينة حلب العريقة التي أخذت حقها في الوصف بعباراته، كان النصيب الأكبر لجامعة حلب التي شهدت على ولادة حبه وحكايته مع بيلسان الفتاة الدمشقية ياسمينة الروح والطلة، أبدع الكاتب بعزف كلمات الحب بين السطور، ووصف الشوق والهيام وما يفعله الغياب حينما يصيب الأحباب.
تحدث خلالها أيضًا كيف استطاع خلف بثقافته وعلمه وغنى فكره أن يقارع أفكار تيم الشاب ذي الساعة الفارهة، غني الملبس فقير العقل، وقصة الأخير مع نور التي اتخذت من الموت حضنًا تتستر به من خيبة الحبيب.
النهاية كانت مفجعة بالنسبة لي كقارئة فكيف كان وقعها على الكاتب حينما سطر بكلماته التي تحفر في الذاكرة أنفاقًا لتنقب عن المواجع وتشعل فتيل الحزن في سراج القلب، كان موت بيلسان الشعرة التي قصمت ظهر قلب خلف، وأحالته لجثة حية، مكفنة بالحزن الأزرق..
رواية لا تسعفني الكلمات في وصفها او إعطائها حقها، فلقد أبدع فيها الكاتب أيما إبداع، سلسة الكلمات مرصوفة كفسيفساء نثرية، ذات إيقاع شعري ومعانٍ عميقة، وكصوت ناي يبعثر الحروف بين صفحاتها بألحان من وجع.
الحزن الأزرق هو العمل الثالث للكاتب بعد رواية من بابل إلى الرايخ وكتاب نصوص شوربة عبث..

الحزن_الأزرق 💙




author-img

سهير محمد خير المصطفى

Comments
No comments
Post a Comment
    NameEmailMessage