JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الكفن لا جيب له

الحياة ليست عادلة ولا يمكنها يومًا أن تنصف أحدًا.
كثير من الكلمات تضج في رأسي وتتخبط الأفكار في سراديب ذاكرتي تائهة لا أجد لها مخرجًا.
أمسك الهاتف وأفتح تطبيق المذكرة علي أفرغ مافي جوفي من براكين تغلي وقد استعرت الحرائق في قلبي وطالت كل شيء، لا أجد منفذًا للكتابة والكلمات اختبأت في مغاور بعيدة لا تطالها خيوط الشمس، أنظر إلى الحياة من حولي وأرى كل تلك الدماء التي تراق في كل أنحاء العالم، الفقر المتفشي كالخطيئة في كثير من البلدان، والكرة الأرضية بكل ازدحامها لا تأبه لما يجري، تتجشأ لكثرة ما ابتلعت من أجساد وعلى سطحها يمارس البشر دورة حياتهم وكأنهم في سباق.
الكل على هذه الأرض لم يعد يفكر سوى بالمال الذي بواسطته يستعيد شعوره ببشريته ولا أقول بإنسانيته لأن الإنسانية شيء لا يمتلكها إلا القليل، لأجل المال تقام الحروب ولا يهم كم يسقط من ضحايا، الهجرة من الأوطان إلى بلاد لا نفقه لغتها ولا تشبهنا عاداتها، لا يهم إن ترك أحدهم جدران بيته تنوح في غيابه ويظل قلب الأحبة خاويًا على أمل اللقاء.
في لقطة من فيلم استرقت مشاهدته أثناء انشغالي بعملي وهو يعرض على شاشة الكمبيوتر لإمرأة تقول: الرجل وجيبه فارغة يشعر بعدم الثقة بالنفس تمامًا كفتاة قبيحة تتوارى عن أعين الناس.
تجمعت مياه مالحة في عيني ومسحتها خلسة، وتساءلت في نفسي لماذا؟ 
جاءني الجواب سريعًا كبرق في السماء، لأن البشر يحترمون من تمتلئ جيبه لا فكره، وكلما امتلأت أكثر يقدسونه وكأنه إله..
في حفل افتتاح لمحل مجوهرات شاهدت ذلك، الكل يحتفي بصاحبه حتى والي المدينة على الرغم من أن مالكه مهاجر من بلاد أكلتها الحروب ويُنظر لأبنائها بعنصرية مقرفة، أما هذا فلا، تُقرع الطبول على أبواب متجره وكأنه معبد، والكل يتنافس في تهنئته والتقرب منه.
أما لو كان عاملًا فقيرًا يصل الليل بالنهار يمسح عرق جيبنه بثيابه المهترئة فإنه يركل إلى أول بوابة للخروج من تلك البلاد إن وجدوه دون وثيقة ترخص له عمله.
رأيت الرؤوس تنحني لمن يمتلك حسابًا في البنك من فئة العملة الصعبة ونبرة الصوت كيف تختلف وتغدو أكثر هدوءًا أمام من يمتلك سيارة فارهة.
رأيت الاحتفاء بمن يملك منزلًا ونظرات الدونية لمن يقطن بالإيجار.
في الجلسات يشعر بالوضاعة من لا يملك مشروعًا ويتحدث عن أرباحه ويتوارى بعينيه كي لا يفصح عن راتبه الذي لا يكفيه حتى نهاية الشهر، فينسحب من الجلسة مترنحًا وكأنه سكيرٌ يتمايل بخطواته من الحسرة على نفسه فلا أحد يسأله ماذا أنجزت، فيميل للعزلة ليتفادى الإحراج ولا يجد لنفسه مكانًا في تلك الأماكن التي تعج بأحاديث صرف العملات والبورصات والذهب المكنز.
لا أنكر بأن المال هو الوسيلة التي تؤمن للإنسان كل متطلبات الحياة، لكننا ومع الأسف جعلناه غاية لنا مغمضين الأعين عما يمكن للإنسان أن يتفرد به من امتيازات بعيدًا عما يملك.
أتذكر دومًا مقولة يكررها كبار السن( الغني غنوله والفقير ونوله)
ومقولة أخرى( المال يجيب مال والقمل يجر صيبان)
( بجيبتك قرش تسوى قرش)
لانستطيع تغيير العالم وعقولهم وردعهم عن هذه العنصرية البغيظة التي ترفع أناس وتخفض من قدر آخرين، أشد ضراوة من العنصرية القومية والعرقية والدينية، لأنه كمرض خبيث استشرى في الجسد لا يمكن اقتلاعه.
لمتابعة قراءة المقال على موقع سبا الثقافي.
author-img

سهير محمد خير المصطفى

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة