قراءة رواية دمشق يا بسمة الحزن للكاتبة إلفة الإدلبي..
ربما قد ورد على ذاكرتكم هذا العنوان لاسم مسلسل دمشقي قد عرض في تسعينيات القرن الماضي، الذي اقتبست أحداثه من هذه الرواية.
لم أشاهد المسلسل حتى أعرف تفاصيل الرواية بل فضلت قراءتها على ذلك، لأني لست من هواة متابعة المسلسلات والأفلام.
رواية تركت في نفسي الكثير من المشاعر، وقد حركت في داخلي الحنين لسورية ولدمشق بالتحديد تلك المدينة العريقة التي شهدت ثورات ونضال ضد الاحتلال الفرنسي.
تدور أحداث الرواية في بيت دمشقي بين أفراد أسرة دمشقية جسدت نماذج مختلفة من الأسر الشامية إبان الاحتلال الفرنسي في ظل يدعو إلى النضال والثورة على المستعمر.
تحدثت الكاتبة عن النزعة الوطنية التي تميز بها السوريون وصمودهم أمام الاحتلال وتقديمهم للأرواح والمال بسخاء مقابل نيل الحرية والاستقلال.
تحدثت عن العادات والتقاليد المتبعة وركزت الكاتبة على المرأة الدمشقية التي كانت تعاني بسبب تلك العادات من الظلم وحرمانها من أبسط حقوقها ومنعها من النضال وتحطيم أحلامها مهما بلغ طموحها، حيث أنها كانت الضحية ولابد لها من أن تضحي وتضحي دون مقابل.
دارت أحداث الرواية على لسان بطلتها صبرية التي تركت مذكراتها لابنة أخيها سلمى والتي بدورها بدأت تسرد لنا الأحداث على لسان عمتها..
لن أتحدث عن التفاصيل كي لا أحرق الأحداث لمن لم يقرأها بعد، وأنصح بها بشدة.
أسلوب الكاتبة سلس وخيوط الحبكة مترابطة مشوقة، مايدل على براعتها في نقل الحدث وتصويره من حياة الأسرة إلى البيئة الشامية آنذاك.
اقتباسات أعجبتني:
-لقد انهزمت شر هزيمة حين انتصرت على نفسي. استطعت أخيراً أن أقضي على الثورة الجامحة التي كانت تغلي في أعماقي دائماً أبداً كما يغلي الماء في المرجل لقد أطفأتها بالكبت الطويل بترويض النفس عن الصبر والرضا بالواقع مهما كان مراً.
-كان لابد لي من نظرة أخيرة أودعها بها، كانت لاتزال مدلاة من الليمونة راية سوداء منكسة، رفعت احتجاجًا على الجور والظلم.
-متى يأخد الله صبرية ويريحها من هذا العذاب؟ أسموني صبرية لأصبر وأصبر وماذا بعد الصبر إلا المجرفة والقبر؟
-أشعر أحيانا أني كلبة جموح، مربوطة من عنقها بسلسلة مشدودة إلى وتد مغروس في هذا البيت العتيق وكلما حاولت الكلبة الجموح الافلات من قيدها ازدادت السلسلة انطباقاً عليها حتى انغرزت في لحمها فكانت كلما تحركت يسيل دمها ويشتد ألمها عقلي يرفض هذا النمط من العبودية ولكني لا أستطيع التحرر منه.
-دمشق بعد الكارثة الرهيبة، تطوي الجناح على الكسر وتظل صامدة بإباء وشموخ، دمشق يا بسمة الحزن ياحمالة الأسى.
-سر بقاءك يا دمشقنا الغالي، هو الصمود على الكوارث والويلات، وما أكثر ما مر عليكِ منها، ذهب الغزاة والطامعون، وظللت أنت خالدة على الدهر.
